26/12/2011

كيف تستعمل جهازك الطبيعي الداخلي للإرشاد


كلّ فكرة لدينا إمّا أن تحرّكنا باتجاه ما نريده أو بعيدا عمّا نريده.
من حسن الحظ، كلّ واحد فينا له جهاز داخلي فطري يتيح لنا طريقة بسيطة لمعرفة إن كنّا نتحرّك نحو ما نريد أو بعيدا عنه. و هو يقوم بذلك ببساطة عبر عرضه للمردودية- سلبية كانت أو إيجابية، و هي التي نسمّيها "إحساسا".

الأحاسيس و المشاعر- الإيجابية أو السلبية تمثّل نظاما فعّالا للإرشاد. قلّة من الناس تبدو على اطّلاع عليه أو على كيفية استعماله. و هو على بساطة كبيرة إذ يتطلّب فقط أن تمنح انتباهك في أي لحظة تحس فيها إحساسا إيجابيا أو سلبيا.
من المهم أن تكون متيقّظا لطريقة شعورك في كل حين، حتى تعرف متى تنساق في سيرورة جذب ما لا تريده. ما إن تدرك بأنك في سيرورة الجذب لما لا تريده، فإنه من المهم آنذاك أن توقف الجذب السلبي فوريّا.

الكون يستجيب فقط عندما يوجد التناسق. لا يهم إن كان التناسق إيجابيا أو سلبيا.
من غير الممكن أن تشعر بشعور سلبي، كالانشغال أو القلق مثلا، و أن تكون في نفس الوقت في تناسق مع أي شيء تتوق إليه حقّا في حياتك.
و بناء عليه، فإنه كلّما تحس بشعور سلبي كالخوف، أو القلق، فإنك في تلك اللحظة، تستدعي إلى حياتك –حرفيا- شيئا ما لا تريده أو نقصا في شيء ما.
كلّما تحس بالشعور السلبي- الشك، الخوف، القلق، فلتعترف من فضلك بأن ذلك إنما هو جهازك الطبيعي الداخلي للإرشاد يحاول أن يخبرك بشيئيـْن اثنيـن مهمّين:
أوّلا: هناك شيء ما تتوق إليه. و إلا فإنك لم تكن لتحس بأي شعور على الإطلاق.
ثانيا: في أي وقت تحس فيه بالقلق، بالخوف أو بالشك فإن ذلك يدلّك بأنك لا تركّز على ما تريده. و لكنّك تركّز على ما لا تريده.
عندما يحدث هذا الأمر، فإن أوّل شيء يُستحسن أن تقوله لنفسك: "أنا قلق. و هذا يعني أني أحس بنوع من الشعور السلبي. و الشعور السلبي يعني بأني لست على تناسق مع ما أريد."
آنذاك و في تلك اللحظة، استعمل صيغة من التصحيح الذاتي. بكلمات أخرى، أوقف الإحساس بالشك و الخوف حينما و حيثما كنت. إنك تحتاج الآن إلى أن تغيّر فوريّا نقطة تركيزك عمّا لا تريده نحو ما تريده.
يسهل القيام بهذا، لأنك لن تكون مطلقا واضحا حول ما تريده أكثر من حين تجربتك للنقيض-ما لا تريده. في تلك اللحظة من التصحيح الذاتي الإيجابي، بتحويل انتباهك نحو ما تريد، فإن الجذب السلبي سيتوقّف. في اللحظة التي يتوقّف فيها الجذب السلبي و القلق، فإن الجذب الإيجابي يبدأ و ستتغيّر مشاعرك من الشك و الخوف و القلق إلى انتظارات إيجابية.

الإحساس بأي شعور سلبي، بتركيزك على ما لا تريده، ليس أكثر من اختيار. إنه شبيه بتعديلك للراديو على محطّة معيّنة، ثم تشكّيك مما أنت بصدد الاستماع إليه. هناك الكثير من الاختيارات الأخرى- أو المحطّات التي تستطيع أن تصطفي منها ما تتناغم معه. ليس هناك من سبب لاستمرارك في الاستماع إلى تلك المحطّة التي لا تعجبك، ثم مواصلة التشكّي لنفسك و للآخرين كم هي رديئة المحطّة.
إن كنت معطّلا في محطّة بعينها، أدرك بأنه بإمكانك تغيير المحطّة في طرفة عين إن كنت تريد ذلك.
مشاعر القلق، اليأس، التأنيب، الخوف، الكره، الخزي، الغضب أو الارتياب كلّها علامات على أنك لست على نفس الخط مع رغباتك. إنها إشارات من جهازك الطبيعي الداخلي للإرشاد بأنك تتحرّك مبتعدا عمّا تريده، و مبتعدا عن غايتك.

جهازك الطبيعي الداخلي للإرشاد سيدعمك دائما –و هو العارف بما تفكّر به و تشعر به حقّا، بأن يرسل لك كمردودية مشاعرا إيجابية أو سلبية. و هذا سيسمح لك بالتصحيح الذاتي في الحين.
و لكنّك تتجاهل جهازك الطبيعي الداخلي للإرشاد كلّما مضيت في الإحساس السيئ، أو انشغلت بالماضي أو بالمستقبل.
عندما تفعل ذلك، فإنك تتعارض مع وظائف و قوّة جهازك الداخلي للإرشاد. و هي أن يرشد و يوجّه حياتك من خلال إزعاجك بالمشاعر السلبية.
لو أنك تخلق مشاعر سلبية مصطنعة- بأن تولّد هذه المشاعر السلبية من تلقاء نفسك، فإنك ستكون حينها غير قادر على استعمال جهازك الطبيعي الداخلي للإرشاد كما هو مقصود استعماله.

إذن فإن أهم شيء يمكن أن نفعله حتّى نضمن بأننا على الصراط المستقيم و في الغاية السليمة هو أن نذكّر أنفسنا بأن نحسّ بإحساس جيّد لأطول وقت ممكن.
لماذا هذا مهم إلى هذه الدرجة؟
لأنك عندما تشعر بالرضا-عندما تشعر بالسعادة، فإنك ستكون أوتوماتيكيا على نفس الخط مع رغباتك الحقيقيّة.
 الشعور الجيّد هو أهم ممّا قد تظـنـه: عندما تحسّ بأنك على ما يرام، فإنك تكون متّصلا بمصدر الطاقة و بكلّ شيء تتوق إليه.
الإحساس السيئ يجعلك تشعر بأنك منفصل.
إذن و بصرف النظر عن كل ما يحدث حولك، فإن هدفك في الحياة هو أن تحس بأنك مبتهج.
الإحساس الجيّد هو المفتاح لتحقيق رغباتك و لأن تحيا الحياة التي حلمت بها دائما.
إنه سرّ يعرفه القليل من الناس، بل إن القليل القليل منهم عازم على تطبيقه.
و لكنّه السر لنجاحك و لسعادتك.

من خلال إحساسك السيئ، فإنك تمكث في طاقة مقاومة لأي تغيير إيجابي في حياتك. عندما تبقى في طاقة سلبية أو في طاقة الإحساس السيئ حول أي شيء، فإن الأشياء التي تسمّيها "مشاكل"، ستقدّم إليك نفسها على الدوام. لن تذهب بعيدا أبدا. حياتك ستكون ممتلئة بالمشكلة تلو الأخرى.
عبر الحسم في أن تحيى حياتك بأقل مقاومة ممكنة، و بأن تحسّ بالرضا و الابتهاج في ذلك الآن، فإنك ستصبح مغناطيسا لرغباتك.
عندما تحسّ بإحساس جيّد فإنك ستجذب مغناطيسيا المزيد من الناس الإيجابيين إلى حياتك.
عندما تشعر بشعور سيئ، فإنك تميل إلى جلب المزيد من الناس السلبيين إلى حياتك.
إذن فمهما يحدث، فإنك تجذب دائما ناسا و وضعيّات إلى حياتك اعتمادا على ما تشعر به.

عندما يعمل أفراد أو جماعات في مجال مغناطيسي سلبي، يبدو لهم أن كل شيء هو حاصل خارج مجال تحكّمهم. إنهم في صراع دائم. و غالبا ما يلتجئون إلى العنف. غير مدركين أن لهم الاختيار و أن بإمكانهم التحكّم في الوضعيّة.
طريقة أخرى للتعبير عن ذلك هي: هم غير مدركين بأن وعيهم الجماعي هو من يخلق النتيجة.

إذن، من هنا فصاعدا، فلتبدأ بالقول لنفسك: سأعمل على البحث عن الأسباب لأحس بشعور جيّد. سأجد أشياء إيجابية من الماضي، سأبحث عن الأشياء الإيجابية في هذا الآن، و سأبحث عن الأشياء الإيجابية في المستقبل.
وحتى إن لم تجد السبب لتحسّ بشعور جيّد، اتخذ القرار بأنك ستحسّ بالشعور الجيّد بطريقة أو بأخرى، و مهما استلزم الأمر. عاهد نفسك على ذلك.
عاهد نفسك بأنه بصرف النظر عمّا يحدث، سأعمل على أن أحسّ بشعور جيّد. حتّى إن تعيّن عليّ أن أتجاهل كل شخص. حتّى إن تطلّب ذلك أن لا أشاهد التلفاز مجدّدا. إن كان عليّ أن لا أفتح جريدة مجدّدا. أو حتّى إن كان يجب أن لا أرى ذلك الشخص مجدّدا. مهما تكلّف الأمر، سأعمل على أن أحس بشعور جيّد.

لما هو مهمّ هذا الأمر إلى هذه الدرجة؟
لأنك عندما لا تحسّ بشعور جيّد، و عندما لا تكون سعيدا، فإنه بإمكانك أن تكون متأكّدا مائة بالمائة بأنك تتحرّك مبتعدا عمّا تريده بدل أن تتحرّك في اتجاهه.
عندما يكون لديك أي شعور أو إحساس سلبي، فإن هذا يعني بأنك في ذلك الحين تتخذ خيارات تبعدك عمّا تريده.
في أيما وقت يحدث فيه ذلك، فإن عليك أن توقف الجذب السلبي. و إلا فإنك ستواصل جذب المزيد من نفس الشيء.

كلّما تحسّ إذن بإحساس سلبي، قل لنفسك: "ما  أنا بصدد التفكير فيه أو الاعتقاد به أو اختياره هو ما يجعلني أحس بشعور سيئ." ثمّ أصلح و غيّر الفكرة، الاعتقاد، الاختيار أو الحركة التي تسببت لك في الشعور السيئ، من أجل أن تحسّ من جديد بشعور جيّد. و عندما تحسّ بالشعور الجيّد مجدّدا، فإنك آنذاك قد عدت إلى الدرب.

بممارستك لهذا أكثر فأكثر، فإنك ستتلقّى الإرشاد الداخلي الذي تحتاجه من جهازك الطبيعي الداخلي للإرشاد.
و لكن لو تواصل تجاهل المردودية الشعورية السلبية، و تستمرّ في فعل ما يتسبب لك في الشعور السيئ، فإنك شيئا فشيئا ستفقد قوّتك على التغيير. لأنك ستضلل نفسك عن جهازك الطبيعي الداخلي للإرشاد.
التواجد في موضع الشعور الجيّد يسمح لمشاعرنا السلبية بأن تلعب الدور المقصود منها.

عندما نركّز على ما هو في أفضل اهتماماتنا و ما يخلق المزيد من الفرحة في حياتنا، فإننا نحسّ بإحساس جيّد أوتوماتيكيا.
عندما نركّز على ما لا نريده و نحسّ بإحساس سيئ، فإن هذا لا يمكن يؤدّي سوى إلى مزيد من الألم و البؤس و الوهن.

هذا جهاز بسيط جدّا، و مضبوط جدّا، إن نحن اتخذنا الخيار لاستعماله.
    

18/12/2011

كيف يتحكّم الوعي الجماعي للآخرين في حياتك؟


من المهم فهم أنه لا توجد قوة خارجية غامضة تتسبب في المعاناة بصفة عشوائية. و أنه ليس هناك من شيء اسمه "الحظ السيّء".
الأشياء السيّئة تحدث للناس الصالحين لأنهم عن وعي أو عن لاوعي، لا يفهمون المبادئ التي أنت بصدد اكتشافها في هذه المقالات.
ما نجنيه موجد بداخلنا، فرديّا. و هو موجود بداخل الذات الجماعية لعائلتنا، لرفاقنا، لجماعتنا، لبلدنا، و العالم الذي نحيا فيه.
كل حالة كينونة، كل فكرة، كلمة، و كل حركة قد تسبب فيها شيء قبلها. و ستتسبّب في شيء بعدها.
ما وُجد في النتيجة هو موجود مسبقا في السبب.
أنت السبب في كل شيء في حياتك. و مثلك كل شخص آخر في حياته.
هذا يعني أن مجموعات من الناس يتسببون جماعيا في نتائجهم.
النجاح أو الفشل الاقتصادي أو التعاوني، و حتى الحرب أو الإرهاب، كلّها تحدث ليس فقط بسبب شخص واحد في المجموعة، و لكن بسبب جميع الناس الذين يتسببون جماعيا في حدوثها.

طريقة سهلة لفهم ذلك من خلال دراسة صعود و سقوط أدولف هتلر.
من المهم فهم أن هتلر لم يكن بقادر على الوصول إلى السلطة بدون الموافقة السلبية لبقية العالم. العالم خلق الظروف الضرورية لهتلر للصعود إلى السلطة.
في ذلك الوقت كان الوعي الجماعي في ألمانيا ينتظر شخصا يأتيهم و ينقذهم من الفقر الذي يلاقونه كمجتمع.
أتى هتلر و لام اليهود و بقية الأعراق غير الألمانية على افتكاكهم لمواطن الشغل من الألمانيين.
الحل عنده كان بإبادة اليهود وغير الألمانيين و بذلك يعيد ألمانيا إلى الألمانيين. و عندما صعد هتلر إلى السلطة، أتاح الوعي الجماعي للألمانيين للمجازر و المحارق بأن تحصل.
و بالإضافة إلى الوعي الجماعي للألمانيين، فإن الوعي الجماعي في باقي العالم كان يقول: "هتلر ليس مشكلتنا. نحن لا نهتم بألمانيا أو بما هو فاعله هناك ما دمنا نحن بخير".
إذن فإن هذا الوعي الجماعي قد جعل من السهل على هتلر أن يفعل ما فعله.

العبرة هنا هي أن الوعي الجماعي هو الذي خلق هتلر في الواقع.
الناس يلومون هتلر. و لكنه كان النتيجة للوعي الجماعي.
لم يكن بمقدوره أن يفعل كل ما فعله بمفرده. كان فردا واحدا لا أكثر. كان يحتاج إلى التعاون الواعي و اللاواعي من الناس.
و بالتالي فإن المرء لا يستطيع أن يعتبر هتلر الجاني الوحيد-أي دون تحميل المسؤولية للذين خلقوا الظروف لأن تكون هذه الأشياء ممكنة.
هتلر تصرّف كمرآة للعالم: وعي مُركّز على التجاهل و على عقيدة الاستعلاء و الانفصال في كل شخص.

الشرق الأوسط هو مثال آخر للوعي الجماعي حيث ينصّب الناس انتباههم على العنف و الكراهية. و يواصلون خلق المزيد من نفس الشيء.
كيف تستطيع أن تحقق السلام عندما تكون مركّزا على العنف؟
أنت لا تستطيع أن تجذب شيئا ما و قد وضعت انتباهك في شيء آخر.

النزاعات في العالم يمكن أن تبدأ بالإرهاب أو بدكتاتور مجنون أو حتى بقوّة عظيمة باسم الحرية. لكن جميعهم متماثل. الكل ينبع من الخوف. و هو يديم بالضبط الشيء الذي يحاول التخلّص منه.

كنتُ متواصلا لمدّة مع بعض الأصدقاء من روسيا. و قد كانت فرصة لي لملاحظة الوعي الجماعي للروسيين.

الوعي الإجمالي في روسيا هو من قبيل التنكّد.
بسبب اضطهادهم لسنوات من حكومات متتالية فاسدة و مرتشية، فإنهم قد استسلموا لكي يعيشوا كضحايا. بكلمات أخرى، هم يحسّون بأنهم ضحايا ظروف لا تحكّم لهم بها. يلومون الحكومة و قوى خارجية على فقرهم و على كل المشاكل الأخرى التي يلاقونها.
بإدامة التفكير في أنهم ضحايا، فإنهم يخلقون جماعيا-أو يجذبون طاقيا نفس الظروف، بما في ذلك الحكومة المرتشية، التي أبقتهم في حالة الفقر و اليأس.
الطريق الوحيد للخروج من هذا المأزق هي بتوقّفهم عن لوم الظروف الخارجية. فكما تعلّمنا سابقا، فإن ذلك لا ينجح أبدا.
عليهم أوّلا أن يغيّروا أفكارهم-السبب، حتى يستطيعوا تغيير ظروفهم-النتيجة.
عندما يفعلون ذلك، فإن الحكومة و الظروف التي هي خارج تحكّمهم ستتغيّر.
باتصالي بهؤلاء الأصدقاء أخبرت بعضهم بمبادئ إحكام الخلق. نيّتي كانت أن أبيّن لهم كيف يستطيعون تحقيق رغباتهم في أكثر الظروف معاكسة. منذ ذلك الحين سمعت من عدد منهم أنهم قد حقّقوا نجاحا مهمّا باستعمالهم لهذه المبادئ.
هذا إثبات آخر على أننا يمكن أن نتغيّر و أن نتعلّم خلق مهما كان ما نتوق إليه بغض النظر عن ظروفنا الحاضرة.
بتقاسم هذه المعلومات، لم أكن فقط قادرا على تغيير حياتهم، و لكن حياتي أيضا. لأنني قمت بتنشيط قانون الجذب. كلّما ساعدتهم أكثر، كلّما ازدهرت حياتي أكثر. و هذا أحد أسرار خلق أي شيء.
مثلا إن كنت تريد تنمية وضعيّتك المالية، فإن كل ما عليك فعله هو عرض المساعدة على الآخرين لتنمية وضعياتهم بالمثل. أنا لا أقصد وهبهم المال. و لكن أن تريهم كيفية خلق الثروة و الوفرة.
طريقة فعّالة جدا لنيل ما تريد هي مساعدة الآخرين نيل ما يريدون.
و لذلك فإنه من المفيد لك أن تضمن بأن يكون لزملائك، رفاقك، عائلتك، جماعتك، بلدك و العالم-إن كانوا مهتمّين-، أن يكون لهم إطلاع على هذه المعلومات.
منح مزيد من التدفّق الطاقي يجعلك في انسجام و تناسق مع ما تريد تلقّيه.
قاعدة بسيطة هي: مهما يكن ما تتمنى إحرازه، إن تسبّبت لكائن آخر أن يحرزه أوّلا، فإنك ستحرزه بوفرة.
مثلا إن كنت تتمنى تحقيق ثروة، بيّن للآخرين كيف يحقّقون ثروة. و سريعا ستجد نفسك ثريّا بطريقة مذهلة.

المنح هو طاقةً في تحرّك.
هكذا تتم الأمور: عندما تعطي أو تساعد أحدا على الحصول على شيء، فإن الكون يجد الطرق الأفضل ليعيده إليك مضاعفا، في الوقت الأكثر ملاءمة و في الشكل الأكثر مناسبة لك.
 من الصواب التفكير و المعرفة بأنه عندما تعطي فإنك في المقابل ستسترجع شيئا ما. توقّع مكافأة يعزّز القوّة. التوقّعات الواثقة تقدح الكون ليعطيك ما تتوقّعه و تركّز عليه.
إذن أنت لست مطالبا بأن تزعم بأنك غير مهتم بتلقّي مكافأة.
في المقابل، فإنه من المهم لك فهم ما يلي: تنشأ المشكلة عندما تتوقّع تلقّي الشيء من نفس الشخص الذي أعطيته إياه. متخذا هذا الموقف: فعلتُ هذا لأجلك، إذن فعليك فعل هذا من أجلي.
لا تطلب أو تسأل الاسترجاع مطلقا من الذين أعطيتهم.
إذ من المؤكد أن ما تعطيه لشخص واحد سيعود إليك من مصادر مختلفة، في الوقت و الشكل الأكثر ملاءمة لك. أنت لا تستطيع تسمية أو تخمين المصدر. يمكن أن يكون أي أحد. و لكنه سيرجع إليك. لأن ذلك هو قانون الدوران-أو قانون السبب و النتيجة في الحركة.

إذن ما تعلّمناه إلى حد الآن هو أن كل شيء هو سبب له نتيجة. و أن كل شيء هو نتيجة كان لها سبب.
هذه السلسلة التفاعلية الضخمة هي غير مقيّدة بزمان أو مكان أو شكل.
ما نفشل في إدراكه هو أن كل الاهتزازات الطاقية التي نطلقها إلى الخارج تؤثّر في محصّلة حياتنا. حتى مجرّد الانشغال الطفيف بمال أو علاقة أو شغل، تساهم في الاهتزاز على تردّدات منخفضة. و بالمثل أيضا الأحزان، قديمها و جديدها. أشياء بسيطة مثل الغضب في زحمة المرور، الانزعاج عند الانتظار في مطعم، أو من نباح كلب الجيران، ترسل اهتزازات على ترددات منخفضة.
مهما بدا لك "عاديّا أو "تافها"، فإن كل مقدار ضئيل مما يسمّى "شعور سلبي عادي"، يساهم في عجزك عن جذب ما تتوق إليه. هذه المشاعر السلبية -أو الاهتزازات ذات التردّدات المنخفضة، ليست بسبب من داخلنا فقط و لكن أيضا من خارجنا.
مثلا فكّر في وسائل الإعلام. و خصوصا الأخبار.
ماذا تطرح وسائل الإعلام في أغلب الوقت؟
أخبارا سـلـبـيـة. ربّما هي الحالة الاقتصادية الرديئة. عملية قتل. عملية سرقة. أو تعذيب لناس في بلد آخر. موت بسبب إرهاب أو حرب.
لو تتبع هذه الأحداث فإنك ستحس بمشاعر الاشمئزاز، الغضب، القلق، أو الخوف.
عندما يكون لديك ملايين من الناس يختبرون ذلك معا، ماذا تعتقد بأنه سيحدث؟

موجة هائلة من المشاعر السلبية تكتسح العالم.

نفس الشيء أيضا بالنسبة لصناعة الأفلام.
انظر إلى عدد الأفلام التي تعوّل على العنف. بالتأكيد نحن نعرف أنه فيلم لا أكثر، و مع ذلك فإنه بمجرّد مشاهدة هذه الأفلام فإننا نهتز، فقط لبضع ثواني وربّما لدقائق أطول، وفق مشاعر سلبية يتم طبعها في أذهاننا.
هل تستطيع الآن بأن تقول صدقا بأن هذا سليم بالنسبة لنا؟

حتى الدين يقوم بدوره في المساهمة في الجذب السلبي. كل دين يصارع و يدّعي بأن له السلطة المفوّضة من الله و بأن الله قد امتن له بالخطاب حصريّا.
أغلبهم يقيم تعاليمه على إلاه غير فعّال و غاضب يعتقد أن كل مخلوقاته هي آثمة منذ ميقات مولدها.
حسب هذا التنظيم الديني فإن الله لا يقوم برسالات خاطئة. فكلّنا إذن ناقصون عندما نأتي إلى هنا.
و الآن كيف نشعر إزاء كل هذا؟ منشغلون؟ قلقون؟ هلعون؟ خائفون؟
بالطبع.
و ماذا سيفعل هذا بنا؟
إنه يتسبب لنا في إطلاق المزيد من الطاقة السلبية و مزيد من الاهتزازات السلبية.
و على ماذا نتحصّل في المقابل؟
المزيد من نفس الشيء.

إذن مرّة أخرى، إن استغربت في أي وقت لماذا يغرق هذا الكوكب في مثل هذه الفوضى، أو كيف يسمح الله لهذا بالحدوث، فهذه هي الإجابة: الله لا يسمح لأي شيء بالحدوث. نحن من يتسبب له بالحدوث من خلال اهتزازاتنا الطاقية الجماعية.
لا علاقة لهذا بالدين. إنه علم محض.

الخطأ الذي نقترفه هو أننا نركّز انتباهنا على ما يحدث في باقي العالم.
الاعتقاد بأنه يمكننا أن نغيّر ما يحدث في باقي العالم يُعتبر لدى طبقات اجتماعية عديدة حافزا مهيّأً نحو عالم أفضل.
و لكن وهمنا الرئيسي هو أنه بإمكاننا بناء مجتمع يهتز في مستوى نفسي و روحي أعلى مما نفعله نحن.
لدينا إثباتات قاهرة بأن هذا لم و لن ينجح.
الحقيقة هي أنه منذ أن كنّا لا نستطيع خلق أي شيء أعلى من مستوى الاهتزازات خاصّتنا، فإننا لا نستطيع تغيير مستوى الاهتزاز الجماعي للمجتمع.
نحن فقط نستطيع تغيير العالم فرادي- كلٌّ في موقته.

نحتاج إلى أن نذكّر أنفسنا، و كل فرد في هذا الكوكب، بأنه بإمكاننا و علينا تغيير العالم من الداخل إلى الخارج، بدءا بأنفسنا.
لدينا دلائل ساحقة بأن طريقة "الخارج إلى الداخل" لا تنجح.
الحل طويل المدى للفقر أو المرض أو النقص و القيد يكمن في قدرتنا على تعليم أنفسنا و الآخرين كيفية خلق ما نريده عوضا عمّا لا نريده.
الطريقة الوحيدة التي بها يمكن أن نعالج العالم حقا هي بمعالجة أنفسنا بتغيير ما نجذبه إلى حياتنا.

أعرف أن حبّة الدواء هذه صعبة الابتلاع. و لكن ما لم نقبلها، فإن المجتمع ككل لن يتحسّن مطلقا.
و التاريخ يثبت أن هذا صحيح.
بتعبير آخر، بغض النظر عمّا يجري، فإن لديك مهمّة واحدة فقط. و هي أن تركّز على أي ما كان ما تريد خلقه في حياتك أنت.
لو تواصل التركيز على ما يحدث في باقي العالم، فإن الجذب السلبي سيستنزف طاقتك الخلّاقة، إلى أن يصبح تقريبا من المستحيل خلق الحياة التي تتوق إليها، و تجعل أيضا من المستحيل على الآخرين خلق الحياة التي يتوقون إليها.
عندما تقف حيثما أنت و تنظر حواليك فإنك سترى دائما أشياء غير محبّذة و غير مرغوب فيها، قريبا منك و في العالم، على حد سواء.
و هناك نزعة لترك ما تراه يتحكّم فيما تشعر به.

بعض الناس يعتقدون أنه ما لم توجّه انتباهك نحو هذه الأشياء السلبية، فإنها بطريقة ما ستباغتنا و تغمرنا.
و أنا أقول أنك لو تضع انتباهك على شيء غير مرغوب فيه، فإن مزيدا من الأشياء غير المرغوب فيها ستصل إلى حياتك و إلى حياة الآخرين بواسطة الاهتزاز الطاقي الجماعي.
يجب عليك أن تتوقّف عن التركيز على الحالات السلبية للآخرين. سواء حولك أو في العالم.
في الظاهر قد يبدو هذا أنانيا. و لكنه ليس كذلك.
لماذا؟
لأنك لا تستطيع منح ما لا تمتلكه مسبقا.
إن كنت تهتز سلبيا، فكيف يُحتمل أن يساعد ذلك بقية العالم؟
الطريقة الوحيدة التي بها يمكنك مساعدة باقي العالم هي بتعليمهم كيف يخلقون ما يتوقون إليه بالتعاون مع قانون الجذب. و ذلك هو أفضل من خلق ما يتوقون إليه عن لا وعي، و أفضل من مواصلة التساؤل لماذا هم ضحايا لظروفهم.

لو يعرف باقي العالم ما تعرفه أنت الآن، فإنه يمكنهم تغيير ظروفهم بدون أي تدخّل من خارجهم.

في أي وقت تغوص فيه في مأساة شخص آخر-مشاهدة الأخبار أو تصفّح جريدة أو رؤية ما يحدث لأناس آخرين بما في ذلك الكوارث الفردية و الجماعية، فإنك ستجد نفسك تقول: "اه! هذا فظيع!".
أنت تضيف مشاكل لهؤلاء الناس و لنفسك. و بواسطة قانون الجذب، فإن كليكما، أنت و الذين تنشغل بهم، تجذبون المزيد من نفس الشيء.

الاعتقاد الخاطئ هو أنه إذا ما كنا نهتمّ بشيء أو بشخص ما، فإن علينا أن نقلق بشأنه و أن نحاول إصلاح أمره. و لكن مرّة أخرى، فإن هذا لا ينجح. لأننا نركّز انتباهنا على الوضعيات السلبية. حتى و لو كنا نأمل في حصيلة إيجابية.

يجب أن تتوقّف عن التركيز على أي شيء يخلق طاقة شعورية سلبية. هذا يعني جميعها.
لا تمنحها انتباهك. ثق بي: سيكون هناك الكثير ممن سيمنحونها انتباههم.
بدلا من ذلك، أرسل طاقة إيجابية.
هذا يعني رؤية حصيلة إيجابية بغض النظر عن الظروف الحاضرة.
و بما أنه يوجد فقط ذهن خالق واحد في الكون، و كلّنا جزء من هذا الذهن الواحد، فإنك تساهم في الحل و ليس في المشكل.
عندما نطلق فكرة حول ما تريده لهؤلاء الناس بدل أن تحس بأنك آسف بشأنهم، فإنك لا تنتهي إلى الاهتزاز السلبي الجماعي.
الآن إن كنت لا تستطيع فعل ذلك، و لكنك تصدّقه حقّا، فلا ترسل أي شيء. فقط دعه يمرّ. لا تنغمس في المعاناة و المأساة. لأنك بذلك تضيف فقط إلى الطاقة السلبية الجماعية التي ستجذب مزيدا من نفس الشيء.

الآن سأكون الأول لأقرّ بأنه ليس من السهل دائما الحفاظ على طاقة اهتزازية عالية.
 و لكن الواقع هو أن امتلاك أفكار و مشاعر و أحاسيس سلبية ليس أكثر من ممارسة ذهنية مكتسبة. أغلبه آت من العادات و القوالب السلبية التي نتعلّمها في طفولتنا. للأسف فإن بعض هذه العادات ليس من السهل القطع معها. فهي تصبح جزءا من طريقة حياتنا، جزءا من تفكيرنا اليومي و من ردود أفعالنا.
في الواقع، فإن أغلبنا مدمن على السلبية.
و المحزن أن أغلب أفكارنا و عواطفنا المعتادة هي سلبية للغاية.
هذا لا يعني أنه لا يمكننا تغييرها. و لكن ذلك سيتطلّب حدّا من التعهّد من طرفنا.

المشكل هو أن ما يصبح مألوفا لدينا يصبح بسرعة طبعنا الأصلي.
من السهل رؤية أن الطبع الأصلي لدى أغلب الناس هو السلبية. نحن نتوقّع الأسوأ. و هذا يتسبب في إطلاقنا لطاقة ذات تردّدات سلبية و بالتالي مواصلة جذب المزيد من نفس الشيء.

إذن هذا هو مقصدي: نحن مولّدات موجات طاقة تحمل معها تردّدا اهتزازيا معيّنا معتمدة على المشاعر التي نحسّ بها في الوقت الذي نطلقها فيه.
للأسف فإننا لا نزال نطلق اهتزازات سلبية ذات تردّدات منخفضة في معظم حياتنا.
إذن فإن علينا أن ننتبه إلى ما نحن بصدد إطلاقه.
نحتاج إلى توليد أكثر ما يمكننا من الاهتزازات ذات التردّدات العالية.

بمواصلتنا التقدّم في هذه المقالات، سأمدّك ببعض الطرق المحدَّدة لتوليد مستويات عالية من الاهتزاز التي ستمكّنك من جذب الأشياء التي تريدها و التخلّص من الأشياء التي لا تريدها.
لكن قبل ذلك، سنتحدّث حول كيفية استعمال نظامك الطبيعي الداخلي للإرشاد، حتى تخلق حياتك عن تصميم.

10/12/2011

قانون الجذب

الآن و قد أصبح لديك فكرة عامّة عن كيفية عمل الكون لجلب رغباتك، أريد أن أدرس الغراء الذي يجمع كل هذا ببعضه. فبدونه لن يكون بإمكاننا خلق أي شيء.

كل شيء يأتي إلينا بفضل قانون من أساسيات و أوّليات الفيزياء: النظير يجذب نظيره.
مقولة "النظير يجذب نظيره" هي محكومة بقانون أساسي في الكون يسمّى قانون الجذب أو قانون السبب و النتيجة.
كلّ معلّم روحي أو علمي حاول أن يعلّم هذا القانون.
ربّما قالوا: ما تزرعه تجنيه، أو تكسب ما تعطيه، أو ما تطلقه يأتيك، أو أن كل حركة لها ردّة فعل مساوية و مضادة لها.
و لكن جميعهم يقول نفس الشيء.
حتى الفيزياء الكميّة أثبتت لنا كيف يعمل هذا القانون في المستوى دون الذري.
هذا القانون مطلق. لا شيء يربطه بشخصيّتك، باعتقاداتك الدينية، بأن تكون شخصا صالحا أو طالحا، أو بأي شيء آخر.
لا أحد يحيا خارج هذا القانون.
إنه القانون الذي لا يمكن إنكاره لهذا الكون.
قانون الجذب هو حقيقي كقانون الجاذبية الأرضية.
قبل اكتشاف قانون الجاذبية، لم يكن أحد يعرف وجوده. و مع ذلك فإن الجميع كان و لا يزال تحت تأثيره.
ذلك هو حال قانون الجذب.
معظم الناس غير واعين بآليات كيفية عمله. و مع ذلك فإن أي أحد قد كان و لا يزال تحت تأثيره.
و بسبب جهلهم، فإن معظم الناس قد أصبحوا موهوبين في جذب فيض من النتائج قد يفضّلون عدم الحصول عليها، عبر قانون الجذب.
أنت لا تحتاج إلى معرفة آليّات قانون الجاذبية الأرضية حتى تحفظ نفسك من أن تهيم في الفضاء.
أنت أيضا لا تحتاج أن تعرف آليات كيفية اشتغال قانون الجذب حتى تمارس حياتك.
ربّما لم تستوعب هذا الأمر إلى حد الآن، لكن القانون لا ينطبق على حياتك فقط، و لكن على حياة أي شخص آخر في الأرض.
قانون الجذب، مثل كل قانون، هو غير متحيّز و غير شخصي. مما يعني أنه يعمل متى تريده أن يعمل، و حتى عندما لا تريده أن يعمل.

الآن لدي أخبار سيّئة و أخبار جيّدة.
كلّ شيء تمرّ به في حياتك يقع استدعاؤه و جذبه و خلقه من طرفك أنت.
ليس هناك من استثناءات.
من الجليّ أن هذه ليست أخبارا جيّدة إن كانت حياتك لا تسير كما تريد.
أغلب الناس لا يريدون سماع هذا الأمر.
في الواقع، فإني في لقاءاتي مع الآخرين عندما أقول: كلّ شيء تمرّ به في حياتك يقع استدعاؤه و جذبه و خلقه من طرفك أنت، فإني كثيرا ما أقابـَـل بمقاومة. و هذا سببه أن أغلب الناس لديهم وضعيّات في حياتهم، الآن أو في الماضي، يدّعون بأنهم لم يريدوها و لا يريدونها. و لذلك فإني عندما أقول لهم بأن كلّ شيء تمرّ به في حياتك يقع استدعاؤه و جذبه و خلقه من طرفك أنت، فإنهم يعبّرون عن مقاومة. بعض الناس يغضبون كثيرا عندما يسمعون هذا الأمر.
جواب شائع هو:" لكنّي لم أختر والداي. أنا فقط قد جيء بي إلى هذا العالم. إن كان لديّ اختيار حول ما حصل، لم أكن لأستدعي هذه الوضعيات بعينها إلى حياتي".
أريد أن أوضّح بأني لا أعتقد بأنّك تجذب عن تخطيط و إحكام التجارب السلبية إلى حياتك.
 و لكن هذا لا يغيّر الواقع، بأنك على مستوى معيّن، قد استدعيت و جذبت و خلقت هذه التجارب السلبية عن لاوعي بواسطة أفكارك و مشاعرك أو بواسطة الأفكار و المشاعر الجماعية للآخرين.
أغلبنا يسير في الحياة منكرا أننّا السبب في تجاربنا أو في عدم حصولنا على ما نريد. هذا النقص في المسؤولية يبقي أغلب الناس معطّلين حيثما هم.
في الواقع فإن أغلب الناس يفضّلون أن يقدّموا أعذارا لعدم حصولهم على ما يريدون عوض أن يتحصّلوا عليه فعلا.
في المقابل، فإنك حينما تتبنّى التعهّد بأنّك مسؤول عن كل شيء في حياتك، و تعترف بأن أفكارك هي نابعة منك أنت، فإنك تستطيع تغيير أي ظرف أو وضعيّة تمنعك من إحراز ما تتوق إليه حقّا في حياتك.
المشكلة هي أن كثيرا من الرّاشدين لا يسعون قطّ إلى إطلاق اعتقاداتهم المقيــِّدة.
معظم الرّاشدين يرفضون أن يتحمّلوا المسؤولية كاملة عن خلق تجاربهم.
أحد أسباب ذلك هو أنهم غير مدركين أن أحد اختياراتهم الواعية أو اللاواعية هي التي أودت بهم إلى ظروفهم الحالية.
من المهم فهم أننا خالقون.
في الواقع فإنه ليس لدينا اختيار حول فعلنا للخلق. لأننا نخلق دائما. سواء أدركنا ذلك أم لا.
في المقابل فإن لدينا الاختيار حول ماهيّة ما نخلقه. للأسف فإن أكثر الخلق في حياة الناس هو عن إهمال و عشوائية.
و لذلك يحسّ أغلب الناس بأن حياتهم هي خارج تحكّمهم.
إنهم يعتقدون أن الأشياء هي فقط بصدد الحدوث لهم.
السبب في اعتقادنا بأن الأشياء تحدث لنا، يعود إلى أننا لا نفهم كيفية عمل قانون الجذب. و هذا يتسبب في جنينا لنتائج لا نريدها.
قانون الجذب يعمل بدقّة رياضية.
كل القوانين الطبيعية تعمل بهذه الطريقة. و هذا يتضمّن قوانين الكهرباء، الجاذبية الأرضية أو أي قانون طبيعي آخر.
إذن ليس هناك من اختلاف. القانون يعمل بإتقان في كل وقت.

من أجل فهم كيفية عمل قانون الجذب و كيفية تأثيره في حياتنا، نحتاج إلى أن نتحدّث لبرهة حول سيرورة الفكرة الخالقة.

كل فكرة يتمّ تلقّيها من قِـبل المخّ- الذي هو عضو الذهن الواعي. و هنا يقع توظيف قوّتنا في التعليل. إذ عندما يرضى ذهننا الواعي-أو الموضوعي بأن الفكرة صحيحة، فإن هذه الفكرة تُـرسَــل إلى الذهن اللاواعي حتّى تتحقّق في عالم الواقع من خلال الفيزياء الكميّة.
و كما تعلّمنا: مهما كان ما نركّز عليه أو نمنحه انتباهنا فإنه يُخلق بواسطة المجال الكمّي.
بمجرّد أن يتمّ قبول فكرة أو اعتقاد كحقيقة من طرف ذهننا اللاواعي، فإنه لا يذعن بعد ذلك إلى أي حجّة مهما كانت.
الذهن اللاواعي لا يستطيع مجادلة الفكرة.  هو لا يستطيع إلّا أن يتصرّف حيالها.
الذهن اللاواعي يقبل استنتاجات الذهن الواعي كاستنتاجات نهائية.
عندما نتمسّك بشدّة بأفكار ما،  فإنها تصبح متأصّلة و متجذّرة و مقبولة في الذهن اللاواعي.
و لا خيار للاوعي سوى أن يتصرّف حيال هذه الأفكار و الاعتقادات.

ببساطة: كل فكرة لها تردّد ذبذبات طاقيّة معيّن- أو نمط اهتزاز خاص بها.
هذه الفكرة تُطبَـع في ذهنك اللاواعي. بعدها، و بواسطة قانون الجذب، فإن ذلك يجذب طاقيّا شخصا آخر أو مكانا أو شيئا أو ظرفا تكون اهتزازاته مكافئة-أي أنه يهتزّ على نفس التردّد.
النمط الاهتزازي سيرنّ مع الأنماط الاهتزازية المماثلة له. و هذا الرنين-أي إرجاع الصدى- هو البداية لسيرورة الخلق.
و كما درسنا فإن الفيزياء الكميّة بيّنت لنا أن المادّة هي درجة اهتزازية للطاقة. المادّة تجذبها مادّة أخرى. هذا ما يسمّى قانون الجاذبية الأرضية.
كل الطاقات ستنجذب إلى طاقات أخرى في درجة الاهتزاز نفسها أو المماثلة لها.
كل اعتقاداتنا و أفكارنا، خاصة عندما نكون متمسّكين بها، أو مرفقة بتيّار عاطفي قويّ، تهتزّ على مستوى تردّد أو طاقة معيّنة. و الأشياء و الأحداث و الأشخاص و الأفكار التي تهتزّ بتناسق مع هذه الأفكار ستنجذب إليها.
كلّ شيء يُخلق بواسطة الاهتزاز الطّاقي.
الضجيج هو اهتزاز. الضوء هو اهتزاز. المادّة هي اهتزاز. الفكرة هي اهتزاز. العاطفة هي اهتزاز.
كل شيء هو اهتزاز.
أي شيء يهتزّ في نمط معيّن يجذب اهتزازا مماثلا له. و هذا يعمل في المستويات الكيميائية و الفيزيائية و الذهنية و العاطفية و الروحية.
و لهذا السبب فإنك عادة عندما تفكّر في شيء ما لا تريده، فإنك ستجذب بالضبط ما أنت تحاول أن تتجنّبه.
نفس الشيء يقع عندما تتصل بتجارب ماضيك و تُسقط سلبية ماضيك في حاضرك أو مستقبلك. ستجذب مزيدا من نفس الأفكار، مزيدا من الأشخاص، مزيدا من الحوارات، مزيدا من الدلائل، مزيدا من الملابسات، و مزيدا من الأحداث التي تؤيّد و تديم هذه الفكرة السلبية.
و هذا ينطبق على كل من الأفكار الإيجابية و السلبية.
مهما كان ما تركّز انتباهك عليه، فإنه يتسبب في جذبك لمزيد من نفس ذلك الشيء.
فالنتيجة في النهاية هي: مهما كان ما تريده فإنك ستجذبه. و مهما كان ما لا تريده فإنك ستجذبه أيضا.
الأمر يتوقّف على أيّهما ستركّز.
قانون الجذب يعمل لكليهما، و بالتساوي أيضا.
الآن هناك طريقتان لخلق كل شيء في حياتنا: الأولى بواسطة الخلق الواعي أي بإحكام، و الثانية هي لاواعية، أو الخلق بإهمال.
و كما سبق أن قلنا فإن الناس يخلقون في كلّ حين. إذن فالسؤال ليس إن كانوا يخلقون، و لكن إن كانوا يخلقون بوعي، و ذلك باختيار محكَــم لأيّ ما كان ما يتوقون إليه. أو بدون وعي، و ذلك ببساطة بملاحظة ما جذبوه إلى حياتهم ثم بالتعجّب و التساؤل لماذا أتوا إلى حيثما هم فيه. و هذا هو الخلق بإهمال.
لديك إذن خياران اثنان دائما: يمكنك أن تتحكّم عن تصميم في تجربة حياتك، عارفا لما تريد أن تجلّيه، و مجلّيا له في حياتك. أو يمكنك أن تواصل الاعتقاد بأن الحياة هي سلسلة متواصلة من الصدف و الأحداث العشوائية التي لا تحكّم لك بها.
مسألة قاعدية في خلق مستقبلك، هي فهم و قبول أن لديك القوة لخلق و تغيير ظروفك الحاضرة.
و في المقابل، فإنك لا تستطيع فعل ذلك بمحاولة التخلّص مما لا ينجح معك في الوقت الحاضر. أو بمحاولة تغيير الأحداث أو الملابسات في ماضيك.
أنت تتخلّص مما لا ينجح معك في وقتك الحاضر الآني بإطلاق سراح الماضي و بخلق شيء ما جديد في حاضرك.
النقطة الأساسية هي التاليّة: كلّما ازددت صراعا ضد شيء ما لا تريده، كلّما ازداد جذبك له. لأنك تثبّت مقاومة. و المقاومة هي السبب لكل الجذب السلبي.

يمكن التلخيص في هذه الجملة: كلّ ما تقاومه، سيواصل دوامه.

للأسف فإنه وقع برمجتنا بالاعتقاد الخاطئ بأنه يمكن أن نتحصّل على ما نريده بالتغلّب على ما لانريده.
و لكن هذا يتحدّى قانون الجذب.

هذا إذن ما تحتاج أن تعرفه: مهما كان ما تدافع ضدّه، سيصبح واقعك. مهما كان ما تخاف أو تقلق بشأنه، سيصبح واقعك. و مهما كان ما تستعدّ ضدّه، سيصبح واقعك.
وقع تكييفنا للاعتقاد بأنه إذا ما قلقنا بشأن شيء ما، فإن ذلك سيغيّره بطريقة أو بأخرى أو يجعله لا يحدث.
لكن ما لا يفهمه أغلب الناس هو أنه عندما نصل إلى حضيض تفكير الخوف، فإننا نثبّت أنفسنا لخلق عكس ما نريده بالضبط.
و على بساطة ذلك فإنه ليس من السهل التغيّر.

أعتقد بأني أمتلك الأرقام القياسية في الخوف و القلق. لقد اعتدت أن أقلق بشأن كل شيء. و قد حافظت على خلق نفس الشيء مرّات و مرّات متتالية. لقد تطلّب الأمر تعهّدا من طرفي لتغيير هذا السلوك الهدّام. و لكنّ هذا التعهّد أكسبني الكثير.
ما إن توقّفت عن التركيز حول ما يمكن أن يحصل أو حول ما أخافه أن يحصل، انقلبت حياتي بشكل مثير. في الواقع فقد كان و بشكل بعيد التحسّن الأكبر الذي قمت به في حياتي. و هو الشيء الذي جلب لي الأكثر سعادة و الأكثر سلاما و راحة للبال.

إن فكّرت بالأمر، فإن هناك فقط حالتان للذهن: إحداها الخوف و الأخرى هي الإيمان.
هل تتذكّر عندما قلنا بأن شكل الفكرة هو المظهر الذهني الذي يسبق واقعنا المادّي؟ أفكارنا تأخذ أشكالا في واقعنا المادّي اعتمادا على تعزيزنا للفكرة بالخوف أو بالإيمان.
عندما تقلق فإنك تتصرّف عن خوف، و أنت تمنح القوّة لما لا تريده أن يحدث للحدوث.
عندما تتصرّف عن إيمان، فإنك تزوّد بالطاقة الأشياء التي تتوق إليها حتى تتحقّق.

التحدّي هو أنه لا يقع تشجيعنا في المجتمع للتصرّف عن إيمان.
أحد الأسباب هي أن الإيمان قد تمّ حصره في الدين. و مع ذلك فإن لا شيء يربط الإيمان بالدّين.
بالتأكيد أن هناك جانبا روحيا له، لكن الإيمان لا يجب أن يكون دينيا.
مثلا، أنا متأكّد بأن لديك إيمانا بأن الشمس ستشرق غدا في الصباح. أو بأنك إن قفزت من مبنى بعشرين طابقا، فإنه من المحتمل أن تقضي على نفسك عندما ترتطم بالأرض.
لا شيء يربط هذا بالدّين.
ما نتحدّث عنه هو الإيمان بالقوانين الطبيعية للكون.
عندما تتأسس أفكارك على الخوف، فإن ما تفعله في الواقع هو إسقاط طاقة أفكارك نحو حدث خيالي ما لم يحصل بعد، بل و أكثر من ذلك، لا تريده أن يحصل.
توقّع ماذا سيحدث..
أنت تجذب الشيء الذي لا تريده أن يحدث بالضبط. و من ثمّ ستقول:" أ رأيت؟ لقد أخبرتك بأنه قد يحدث!".
إذن فأنت على حق مرّة أخرى. و من ثمّ تبدأ الدورة كلّها من جديد.

دعني إذن أسألك سؤالا: ما هو مقدار الوقت و الطاقة الذي تضيّعه في القلق و الانشغال حول أشياء لم تحدث أو لا تريدها أن تحدث؟

من أجل ذلك، دعنا نقوم بفحص للواقع.

ألق نظرة على حياتك في هذا الآن.
ماهو عدد أفكارك المرتبطة بالماضي أو بالخوف من المستقبل؟


إذا كنت مثل معظم الناس، سوف أقول بأن غالبية كبرى من أفكارك هي حول الماضي أو حول إمكانية خيالية ما للمستقبل.
المشكلة هي أن كل فكرة أساسها الخوف من الماضي أو المستقبل، تحرم حاضرك و آنك من الطاقة و القوّة.
إنها تحطّم طاقتنا الخالقة و تزيل منّا قوّتنا على الخلق.
ما نفشل في فهمه هو أن الدفاع ضد أي شيء يتسبب فقط في المزيد منه في حياتنا.
الدفاع ضد المرض هو السبب فيه. الدفاع ضد التألّم من علاقة هو السبب في عدم الحصول على العلاقة التي نريد. الدفاع ضد الفقر و الإفلاس هو السبب فيهما.
باستعدادك و تحذّرك خائفا و قلقا بشأن أي شيء لا تريده، بتركيز انتباهك نحوه و بإضافة العاطفة إلى أفكارك، فإنك تجذب الشيء الذي تريد أن تحذره بالضبط.
كلّما ازددت دفاعا و مقاومة و حذرا ضدّه، و كلّما ازددت خوفا منه، كلّما ازداد الجذب قوّة. أنت تعطيه الحياة. حرفيا.
كما لو أن لديك تمساحا أليفا تطعمه كل يوم. و لكن ذات يوم يصبح كبيرا و قويّا. وفي آخر الأمر فإنه يأكلك أنت.

عندما تتأمّل تجربتك في الحياة، و ترى نقصا في أي شيء، فلتتفهّمْ بأن النقص موجود فقط لسبب واحد: لقد اخترتَ أفكارا ليست على تناسق مع ما تتوق إليه.
أنت تهتز و تجذب ما لا تريده. حرفيا.
من ناحية أخرى، فإنك لو وضعت نفسك في حالة ذهنية واضحة غير مقيَّــدة و غير مقاومة، سامحا و مجيزا فقط لما تريده-الصحّة، الوفرة، الأمن، المحبّة، أو مهما كان ما ترغب فيه، فإن كل ما تحتاج أن تفعله هو أن تخفّــف الأمر و أن تسترخي بشأنه و تدعه سلسا، و سوف يأتيك كل ما تتوق إليه.
إذن: أفضل من الصراع ضد السقم، استرخ و اسمح للعزم.
أفضل من المكافحة ضد الفقر أو عدم امتلاك المال الكافي، فقط استرخ و اسمح لمزيد من المال ليصل إلى حياتك.
و هنا يكمن المكسب الكبير: عندما تفعل ذلك-أن تسمح للأشياء التي تريدها بأن تأتي إلى حياتك بدل مقاومة ما لا تريده، فإنه لن يكون هناك مزيد من الصراع أو الإجهاد أو من تثبيط للعزيمة أو من الشك أو القلق أو الهزيمة.
بدلا من ذلك فإنك ستجرّب تمشّيا ثابتا و مبهجا لخلق الحياة التي تتوق إليها.
و هنا مكسب كبير آخر: عندما تفهم بدقّة كيف يأتيك كل شيء، فإنك حر إلى الأبد من القلق و الخوف مما يمكن أن يفعله الآخرون لك. لن تكون بعد قلقا بشأن الظروف الاقتصادية، الحكومة، والداك، شغلك أو سيرتك المهنية أو أي من التأثيرات الأخرى التي تخافها.
السبب الوحيد الذي يجعلك تخاف و تشعر فيه بالتهديد، هو قبولك الاعتقاد بأنه إذا فعل أحد ما شيئا غير متناسق مع ما تتوق إليه، فإنه بطريقة ما سيؤثّر في حياتك. لكن أتمنى أنك قد تعلّمت إلى حد الآن أنه لا يستطيع أن يصل إلى حياتك إن لم تقم أنت باستدعائه بواسطة طاقة أفكارك-مخاوفك و همومك.
مشاعر الكره، الغيرة، الغضب، الامتعاض، الخوف و القلق هي الترددات التي يهتزّ عليها معظم الناس.
مغزى المسألة يبيّن لك لماذا يتخبّط العالم في مثل هذه الفوضى.
كلّما ازداد تركيز الناس على هذه الأشياء جماعيّا، كلّما زاد إنتاجهم لنفس هذه الأشياء في حياتهم الشخصية و في الوعي الجماعي.

نحن كائنات إنسانية كهرومغناطيسية. كل طالب في السنة الأولى للفيزياء يعرف هذا الأمر.
ما تمّ إثباته من خلال دراسة الفيزياء الكميّة، هو التحقّق بأن ما نشعر به في أيّما لحظة، يتسبب في صدور موجات مهتزّة من طرفنا.
و كما ناقشنا سابقا، فإن أفكارنا، التي تنتج عواطفنا، تهتز في تردّدات مختلفة. هذه الاهتزازات توجد في طيف يمتد من الاهتزازات الدنيا إلى الاهتزازات العليا.
إذن، فإنه في أي معطى زمني، تستطيع مستويات اهتزازك أن تتقلّب صعودا و نزولا.
إذا كانت الاهتزازات التي تصدر عنك نعرّفها بأنها سلبية، فهي طويلة و بطيئة. و في الأصل، كلّما انخفض و تدنّى مستوى اهتزاز أفكارك، كلّما صارت حياتك أصعب بكثير.
و إذا كانت موجاتك إيجابية، فهي اهتزازات أقصر و أسرع. فكلّما ارتفع مستوى اهتزاز أفكارك أو ازداد سرعة، كلّما بدأت حياتك في مطاوعتك و مسايرتك.
لا بد إذن من التوقّف للاستنتاج منطقيّا بأنه إذا كان عالمنا ممتلئا بترددات دنيا من الاهتزازات، فإن هذا سيجذب نفس الاهتزازات و يرجعها إلينا.
و هذا ما يفسّر لماذا ثمّة هذا الحد من التباغض و الحروب و الاضطرابات في العالم.

نحن نعرف أيضا أن لكل سبب نتيجة.
و لكن ما يمكن أن تكون لا تعرفه حول السبب و النتيجة، هو أن هناك تزايدا للنتائج- أو الآثار.
بكلمات أخرى، فإنك لن تجرّب فقط ما تتسبب لنفسك و للآخرين في تجربته، و لكنّه كذلك سيرجع إليك متزايدا و متكاثرا.
لو أنك تساعد الآخرين على تجربة مهما كان ما يريدون تحقيقه في حياتهم، فإن ذلك سيرجع إليك و ستجرّبه بالتمام. و لكنّ الإضافة و العلاوة هي أنك ستجرّب أكثر بكثير مما تسبّبت للآخرين في تجربته.

في نقطة ما من تعقّد التواصل المكاني الزماني، في نقطة ما من حياتك، ستجرّب تزايدا و تكاثرا لما تسببت للآخرين في تجربته. حتى إن كنت لا تستطيع أن ترى كيف سيحدث ذلك.
تذكّر: النظام الكوني بأكمله هو واحد. حتى إن كنّا نبدو منفصلين.
ولأننا واحد، فإن ما تفعله كفرد بالآخرين هو –حرفيا- ما ستنتهي بفعله بنفسك.


بما أنّك قد عرفت أن كل شيء هو سبب، له نتيجة، اسأل نفسك: ما هي النتيجة المحتمَــلة لما أكونه، أفكّره، أقوله أو أفعله في هذه اللحظة-في هذا الآن؟
الجواب على هذا السؤال هو ما سوف تحصده.
تذكّر: أنت لا تجرّب فقط ما تتسبّب لنفسك أو للآخرين في تجربته، و لكنّه سيرجع إليك متزايدا و متكاثرا بواسطة قانون الجذب.

07/12/2011

الفيزياء الكميّة- المفتاح لخلق المستقبل-2

ما تعلّمناه إلى حد الآن إذن هو أن فعل ملاحظة الجسيْم في المستوى دون الذري يغيّر الجسيْم. و أن طريقة النظر للأشياء تخلق البناءات المقولــَـبة للأشياء. و في النهاية فإن هذا هو ما يحدّد حصيلة حياتنا. هذا يعني أن كل شيء في حياتك هو النتيجة لما تركّز عليه أنت و ما تمنحه انتباهك. موضع تركيزك يجعل من هذه الجسيْمات دون الذرية تتجلّى في شكل أشخاص و أماكن و تجارب في حياتك. ما تركّز عليه و تعتقده، هي "التعليمات" للكون كي يحقّقها و يجلبها لك.
مصدر الطاقة-الذهن الكوني الخالق، هو غير مقيّد. إذ لا حدود له. و بما أنك واحد مع هذا الذهن الخالق، فإن الإمكانيات لديك هي أيضا غير محدودة. في المقابل، فإنك أنت من يخلق القيود و الحدود.
 إن تقل شيئا كهذا على سبيل المثال: أرجوك أرسل لي مالا لأني أستحقّه لتسديد الفواتير. فإن الرسالة التي تبعث بها هي: أنا في حالة عدم امتلاك للمال.
و لكن الذهن الكوني الخالق لا يعرف معنى "عدم امتلاك" المال.
و عليه في الآن ذاته أن يستجيب لأفكارك. إذ لا خيار آخر له.
ما يجري هو أن فكرتك المسيطرة هي فكرة "عدم امتلاك المال". و في نهاية الأمر فإنه يستجيب لك بخلق متزايد لحالة "مال غير كاف". إذ أن هذا ما جلبته لنفسك.
و الآن إن تعكّرت وضعيّتك المالية فإنّك ستبدأ بالتفكير في أن ما يجري هو غير معقول. فقد طلبت مزيدا من المال. و لكن وقع تجاهل طلبك. و بدلا من ذلك فإن الأشياء قد ازدادت سوءًا.
 لكن الحقيقة هي أن الذهن الكوني الخالق يستجيب فقط لفكرتك أو لاعتقادك المسيطِـر.

فلنعد إلى الفيزياء الكميّة.

أفكارك هي طاقة. إنها تركيز لجسيْمات متذبذبة. عندما تفكّر فكرة فإنك تخلق تركيزا معيّنا لجسيمات في ذهنك. هذه الجسيمات تبدو كصور. و هذه الصور تتجلّى كأشياء في عالمك المادي.
هذا التمشّي يسمّى "الإجلاء".
و بتعبير آخر، فإن أيّ ما تفكّر به، يصبح واقعيّا.
ما أريدك أن تستوعبه هو أن أذهاننا لها القدرة على " تفكير الأشياء إلى الوجود". حرفيّا.
نحن نفكّر الأشياء إلى الوجود في كل حين. و نحن لا نستطيع أن لا نفكّر الأشياء إلى الوجود. و عندما نفعل "تفكير الأشياء إلى الوجود"، فإن الحزمات الكميّة للطاقة تظهر في شكل أموال و علاقات و حالات صحيّة و غير ذلك..
و في عودة إلى المثال السابق، فإن ما يحدث في الواقع هو ما يلي: عندما تشغلك فكرة مثل : "أنا مفلس". فإن هذه الفكرة تخلق حزمة من الطاقة في شكل كينونة المفلس. و التي ستتمظهر و تتجلّى في شكل نقص في المال.
الخبر السّار هو أنك قادر على تغيير هذا في أي وقت. عندما تغيّر أفكارك فإنك تغيّر فعليّا في حزمات الطاقة التي تظهر في حياتك.
و لكن عليك أولا أن تبدأ بهذه الخطوة: من أجل أن تغيّر هذه الحزمات الطّاقية التي تخلق ما يجري في حياتك، عليك أن تركّز فقط على ما تتوق إليه و أن لا ترسل أفكارا متضاربة. فهذا يتسبّب في التشويش و الارتباك لا أكثر. و ما ستجذبه هو المزيد من التشويش و الارتباك.
عليك أيضا أن تتصرّف كما لو أنك حزت فعلا ما تتوق إليه. في واقع الأمر، فإنك قد حزته في احتمال وجود لاشكلي و حزمة طاقة لاشكلية. مهمّتك هي أن تحوّله من حزمة طاقة لاشكلية-احتمال، إلى عالمك المادي، كشيء مادّي واقعي أو كحدث. الكون يستجيب دائما لأفكارك. السرّ هو أنّ عليك أن تسمح لأيّما كان ما تتوق إليه حتى يحدث في حياتك.
 الكلمة الأساس هنا هي "تسمح".

فلنلقي نظرة كيف أن أغلب الناس لا يسمحون لما يتوقون إليه بأن يحدث في حياتهم. و كيف يفشلون في الحصول على ما يتوقون إليه حقّا.

الذهن الكوني الخالق في استعداد و حال مستمرّ لإمدادنا بأي شيء يمكن أن نتخيّله. إنّه هناك دائما لتلقّي "الأوامر" و مدّك بما تطلبه بكلّ دقّة.
إن صحّ هذا، فلماذا يستطيع البعض أن يستفيد منه في حين أن آخرين يصارعون للحصول على ما يريدون، بل حتى للحصول على أساسيات الحياة؟
الإجابة هي: في أي وقت نمرّ فيه بتجربة "فقدان الشيء"-أي شيء، فإننا لا نسمح لهذا الشيء بأن ينشأ و يتحقّق في حياتنا. وعوضا عن ذلك، فإننا نثبّت مقاومة.
الكون ينبني على قوانين الطاقة و الجاذبية. هذه الطاقة تقوم على أساس أن كل شيء و أي شيء يتذبذب في مستوى تردّد معيّن. و هو ما يعني أنه حتّى تخلق ما تتوق إليه، يجب أن تتذبذب على تردّد متناسق مع ما تتوق إليه حتّى تتلقّاه. هذه الذبذبات تنتجها أفكارنا و مشاعرنا. و هذه الأفكار و المشاعر هي المفتاح من أجل أن نسمح لما نتوق إليه بالحدوث في حياتنا.
الأفكار التي تشدّد على النقص، القصور، العجز، الخوف، الشك، القلق، الكآبة، القلّة أو التفاهة، تثبّت تناقضا في الطاقة. هذه الطاقة المتناقضة و المتضاربة تخلق مجالا طاقيا ل"عدم السماح" أو التعطيل.
وفي جوهر المسألة، فإنك لست متناسقا مع ما تتوق إليه.

تذكّر أنك جزء من الذهن الكوني الخالق. الذهن الكوني الخالق لا خيار له سوى أن يتصرّف حيال أفكارك المسيطرة و يستجيب إليها. و هو يستطيع فقط التصرّف مع تلك الأفكار التي لا تناقض فيها مع ما تتوق إليه.

و الآن لا تترك هذه المسائل تستحوذ عليك.
فالسبب الذي من أجله تشعّبت في هذه التفاصيل هو أن يكون لديك دليل علمي لما يحصل في كل من العالم المادّي و اللامادّي.

إن وجدت نفسك في مكان ما تحسّ فيه بأنّك معطّل أو أنك لا تخلق ما تريد، فافحص مليّا هذا الإثبات العلمي: الفيزياء الكميّة بيّنت الآن أننا أكبر بكثير مما ندرك. في الواقع فإن جميعنا مرتبط بالذهن الكوني الخالق الواحد، بالمجال الطاقي الواحد.
و هو ما يعني أنه بغض النظر عن الظروف فإنك أكثر قوّة ممّا يمكن أن تتخيّله.
الوقت حان إذن لتتوقّف عن القلق و الانشغال حول قدرتك على خلق مهما كان ما تتوق إليه.
لماذا؟
لأنك متحصّل عليه مسبقا بالفعل. فأنت متحصّل فعلا مسبقا على أيّما كان ما تتوق إليه في أكثرأحلامك اندفاعا. طبعا فإنه بالإمكان أن لا تجرّبه في هذا الآن، و لكنّك متحصّل عليه فعلا في مستوى كمّي كاحتمال لاشكلي موجود فعلا و مسبقا.
باختصار فإن كل شيء تريده هو احتمال وجود بصدد انتظار تعرّفك عليه و تركيز انتباهك نحوه.

يمكن تفسير الأمر بالتفكير في لعبة فيديو.
فأنت عندما تلعب لعبة فيديو، فإن كل النتائج المحتمَــلة قد وقع برمجتها مسبقا في القرص. و عندما تلعب فإنّك تركّز اهتمامك على ما تريده أن يحصل-أو النتيجة. بقيامك بهذا، فإن تجميع انتباهك حول النتيجة التي تريدها، سيختار واحدا من الاحتمالات التي وقع برمجتها مسبقا في القرص.
و هذه هي النتيجة التي تتحصّل عليها.
في لعبة الفيديو يمكن أن يكون لك نتائج مختلفة لنفس الوضعيّة. و لكن بغض النظر عن عدد النتائج فإن هناك نتيجة محتمَــلة قد وقع برمجتها مسبقا في القرص. أنت من يقرّر النتيجة بالاختيار بين الاحتمالات المبرمجة مسبقا في اللعبة.
نفس الشيء يحدث في حياتنا.

المجال الكمّي يستطيع أن يخلق عددا لا متناهيا من التجارب. ما تفكّر به في هذه اللحظة أو التي تليها يقرّر تجربتك الحالية من النتائج المحتمَــلة. حياتنا تدور حول تركيز أفكارنا لاختيار النتيجة التي نتوق إليها.
 الكون يمكن أن يوفّر لك ذلك أو نتيجة أفضل أيضا.

المهم هو أن تفهم أن كل هذا يحصل بدون أن تنشغل حول كيفية إدارة الأمور. كل ما تحتاج أن تفعله هو أن تتوق-أن تنوي، عالِـمًا أنه مهما كان ما تريده فهو موجود فعلا مسبقا، و بفضل قوّة التركيز، أن تثبّت انتباهك على ما تريده.
و هكذا فإنّه سوف يتجلّى مع يقين مطلق.

يمكن أن تجلب أي شيء إلى الوجود بفضل آمالك و يقينك و إيمانك و نيّتك في الحصول عليه بدون أي إكراه أو انشغال حول ما إذا كنت ستتحصّل عليه أم لا.

في الواقع فإن ما تتوق إليه موجود مسبقا كموجات احتمالية، لكنّك أنت من يتسبّب في أن تكون هذه الموجات الاحتمالية شيئا أو حدثا أو نقطة معيّنة في الزمان و المكان.

و الآن تأمّل فيما يلي: ما تريده هو موجود فعلا كحدث، و لكن إدراكك الحسّي للزمن يجعله يبدو كما لو أنك لم تمرّ به بعد أو أنّك منفصل عنه.
عندما تفهم ما هو الزمن و كيف يعمل- وهو ما سنناقشه لاحقا، ستكون قادرا على جلب ما تريده إلى تجاربك في مدّة أسرع أو أطول.

العالم الكمّي هو العالم الواقعي.
ما تراه في عالمك المادّي بحواسّك الخمسة هو ما خلقته عبر إدراكك الحسّي لمجموعة من الأنشطة الكميّة. النشاط الكمّي هو ما تسبّبت به أنت.
 فأنت السبب و العلّة.
لا تفكّر أبدا في أن ما تراه أو أن ما تجرّبه في حياتك هو السبب في أي شيء، إنه فقط الأثر-النتيجة.

كلّ ما تحتويه تجاربنا يتحقّق معًا بتزويدٍ من ذهنك و أذهان المحيطين بك و باقي الكون.
أنت و أنا و كل شيء آخر، جميعنا في آخر الأمر طاقة منتظمة معًا من خلال معلومات متأتية من ذهننا الفردي و من الذهن الكوني الخالق.
منتهى الأمر في كل هذا هو أن تعرف أنك جزء من محيط واحد هائل لامتناه من الطاقة. و أن لا شيء يفصلك عن أي شيء آخر. الانفصال الوحيد الذي تراه هو تضليل تسبّبت فيه حواسّك الخمسة المحدودة.

كلّنا واحد. حرفيّا.

أي شيء تفعله، أي فكرة تفكّرها تغيّر تركيبة الكون بأكمله مهما كان صغيرا هذا التغيير. و لأنك جزء من هذا الكون، فإن التأثير المتموّج لأفكارك يعود إليك و يُرجع إليك جرعة ممّا أرسلته و أطلقته. أنت تحدث تغييرا في المشاعر حولك و تموّجك يمسّ كلّ شيء. و كلّ شيء يعود إليك متموّجا ردّا للفعل، و الكلّ يرجع إليك متعدّدا.
هكذا يعمل قانون السبب و النتيجة علميّا.
اهتزاز فرد في النظام يسبّب اهتزاز النظام بأكمله. و اهتزاز النظام بأكمله يسبّب اهتزاز الفرد.
و العكس أيضا صحيح.

أظن أن هذا التقديم السريع للفيزياء الكميّة سيقنعك بأن لديك قوّة بحوزتك أكثر مما تتخيّله على الإطلاق.
لا تشغل نفسك إن وجدت بعضا مما قرأته غير ذي معنى. فستتضح الصورة لاحقا عندما تواصل قراءة باقي المقالات.
أنت لا تحتاج إلى أن تصبح خبيرا في الفيزياء الكمّية حتى تستفيد منها.
الهدف من هذا المقال هو أن تفهم ببساطة ممّا يصنع عالمك حقّا. و أن تبدأ في تبيّن كيف أنّك تتحكّم به مباشرة.
المقالات اللاحقة ستوضّح لك كيف تمارس هذا التحكّم و كيف تفسّر المردودية التي تتلقّاها.