03/12/2011

تقديم

أود أن أبدأ بشكرك على إعطائي الفرصة لمقاسمة هذه المعلومات معك.
نيّتي هي أن أجعل هذه المقالات هي الأكثر مباشرة و الأكثر نجاعة فيما أمكن لك مطالعته.
و لكن قبل أن أبدأ أريدك أن تعرف بأنه لا فكرة لي إن كان ما أكتبه هو صحيح أم لا. و هذا قد يجعلك تشعر بعدم الارتياح بما أنك تنوي صرف وقت في قراءة هذه المقالات. و لكن عليّ أن أبدأ بأن أكون نزيها.
حقيقتي يمكن أن لا تكون حقيقتك. أنا أعرف فقط ما ينجح معي. و هذا كل ما أستطيع أن أتشاركه معك. و لذلك فليس لدي الإجابة على كل شيء. في الواقع هناك أشياء عديدة أخرى ليس لدي فكرة بشأنها و هي أكثر من الأشياء التي أفهمها.
و لكني في هذه المقالات لن أتعامل مع أشياء لا أفهمها. كل شيء سأتطارحه معك ينبع من دراسة معظم و أهم الفلسفات و الديانات و البنى النفسية.

هذه في الحقيقة منهج لحياة قائمة على التصميم و التخطيط عوض قيامها على الإهمال و العشوائية.
في رأيي، هذه هي طريقة التربية التي يجب أن تُعلّم في مدارسنا و جامعاتنا التقليدية.
للأسف فإن التربية هي التي لا يتلقّاها أغلبنا أبدا.

كلّما تقدّمنا سوف توافق على أكثر المادة التي أشاركك فيها، و لكن أريد أن أنبهك إلى أن بعض الأشياء التي ستقرؤها ستجعلك متضايقا.
أرجوك تفهّمْ بأني قمت بذلك عن قصد حتى أساعدك على تجاوز منطقة الراحة و الرفاهة خاصّتك و الخروج منها. فاعتبرها معروفا إذن.
و من أجل أن تأخذ أكبر فائدة من هذه المقالات، عليك أن تتعامل معها بذهن مفتوح و بأن تكون راغبا في شيء من التفكير الجدّي المخالف للسائد. و هذا يعني اعتبار أشياء لم تعتبرها من قبل.
القوّة الديناميكية لإحكام الخلق هي مجموعة مقالات تدريبية للتقدّم. هي ليست فقط حول التفكير الإيجابي و تحديد الأهداف و مثل ذلك-و سوف نشير إلى تلك الأشياء كلّما تقدّمنا، و لكنّك هنا ستجد مستوى أعلى من التدريب. و هو مصمّم لكي يفتح لك الطريق لباب جديد. باب يربط بين المرئي و اللامرئي. يصل بين ما تعرفه و ما لا تعرفه.
خلال هذه المقالات قد تتعرّض إلى بعض الأشياء التي قد لا يكون لها أي معنى بالنسبة لذهنك المنطقي. و لكن سوف يكون لها معنى في مستوى أعمق ربّما لست مدركا له بعد. في بعض الأحيان سوف تحسّ بأنك تفهم ما أقوله في مستوى أعمق، و لكن ذهنك المنطقي يبقى مع ذلك غير قادر على القبول به. و هذا عادي. لا تقاومه. فكلّما تقدّمنا فإن كل القطع ستتجمّع.
المادّة في هذه المقالات تحتوي على عدة طبقات من الفهم. ما تفهمه اليوم سوف يظهر أكثر في حقيقة أعمق و في تطبيق لتلك الحقيقة في مقالات لاحقة. و بإتمامك كل جزء من التدريب فإن تخزينك للمفاهيم و التقنيات سوف يتسارع.
سوف تلاحظ أيضا أني أكرر نوعا من الجمل و المفردات مرّات متتالية. و أنا أقوم بذلك عن قصد حتى يستوعب لاوعيك ما أنت بصدد قراءته.
أعدك بأن يكون كل مقال ممتلئا بالمعلومات القادرة على تغيير حياتك. و لكن حتى تكون ناجحا و تتحصّل على أفضل النتائج من هذه المقالات علينا أن نعمل معا. سوف أوفّر المعرفة و المعلومات التي ستمكّنك من تغيير حياتك. و لكن عليك تطبيق ما تقرؤه.
المفتاح للنجاح في أيّما درس أو منهج أو استراتيجية أو تقنية هو التطبيق. للأسف فإن قلّة من الناس تطبّق ما تتعلّمه. و من المحبط ملاحظة أن أغلب الناس لا تتابع بما يكفي أي شيء للحصول على نتيجة. و هم رغم ذلك في بحث متواصل عن استراتيجية جديدة أو كتاب جديد أو تقنية جديدة معتقدين أنهم أخيرا قد وجدوا الحل لمشاكلهم. و لكن كل ما يفعلونه هو تحصيل أكثر معلومات. و في النهاية فإن معرفتهم كبيرة و لكن أعمالهم صغيرة.
هذه المقالات ليست لتحصيل معلومات جديدة. ربّما تكون مطّلعا على أكثر مما ستقرؤه. إذن فإن كنت تطالع هنا للتعرّف على الجديد فإنك أخطأت الهدف. أضمن أنك ستقرأ أشياء جديدة عن نفسك، و لكنّها لن تكون أكثر من معلومات إن لم تطبّقها. و إن تابعتها و طبّقتها فإن الوقت القليل الذي ستقضيه في مطالعة هذه المقالات سيكون أفضل استثمار قمتَ به.
المنهج الذي أعتمده هنا هو "افعلْ-افعلْ". و هو يتطلّب منك القيام بالشيء و التحرّك. و لكن كل حركة تقوم بها ستنتهي بك إلى نتيجة مدروسة.

الآن و قد أودعتُ كل هذا في ذهنك، دعني أبدأ بأن أسألك بعض الأسئلة الهامّة:
كيف نتحصّل على ما نتحصّل عليه في الحياة؟ و لماذا يبدو أن بعض الناس تنال كل شيء، في حين أن آخرين لديهم قلّة قليلة و يواصلون المعاناة؟
هل سبق أن سألت نفسك ذات هذه الأسئلة؟
كيف يمكن أن نكون نحن الكائنات البشرية، على مستوى من الذكاء بحيث نقدر على خلق التقدّم و التكنولوجيا و الاكتشافات الطبيّة و الاستطبابية و لا نزال في الآن ذاته نصارع من أجل خلق الحياة التي نريد؟

لقد وقع تكييفنا حتى نعتقد بأن الصراع مسألة عادية. أو هكذا يجب أن تكون الحياة. و نحن نرى الصراع أيضا كما لو أنه هو الواقع. و لكن واقعنا ليس هو "الواقع". ما نسمّيه واقعا ليس أكثر من مقاربتنا الخاصة لما نعتقده حقيقيا.
دعنا نواجه الأمر: أغلب الناس ليس لديهم فكرة كيف يتحصّلون على ما يتحصّلون عليه في حياتهم. حياتهم هي مجرّد تسلسل من النزاعات و الهموم.

انظر إلى حياتك.

هناك ربّما قائمة طويلة من الأشياء التي تريدها و لكنّك لم تنلها؛ و ربّما أسوأ من ذلك- تعتقد بأنه لا حظ لك للظفر بها أبدا.
ثم أراهن بأن هناك قائمة أطول من الأشياء التي لا تريدها. و مع ذلك فإنه يبدو أنك تتحصّل عليها بشكل متواصل.
و السؤال هنا: لماذا تقع الأمور بهذا الشكل؟

المشكل الحقيقي يكمن في أنه وقع تعليمنا بشكل استرجاعي عندما تتعلّق المسألة بخلق ما نريده.
بعضنا يلوم الحظ أو الدهر و يقول: هكذا هي الحياة !
و لكن هل هذا فعلا حقيقي؟

أستطيع أن أؤكد لك بأنه ليس كذلك.

انظر إليه بهذه الطريقة: تخيّل بأنك وُلدت بنظّارات شمسية خضراء. و أنك تضعها طوال حياتك.
و الآن تخيّل بأنك تنظر إلى ورقة بيضاء. ما هو لون الورقة الذي ستراه؟ أخضر بطبيعة الحال.
و في يوم يأتي شخص و ينظر إلى الورقة و يقول لك بأنها بيضاء. ماذا ستقول له؟ ستخبره بأنه مخطئ. بأنه لا يدري عمّا يتحدّث. و بأن عليه أن يذهب لفحص عينيه. و مهما كان مستوى حماسه أو اندفاعه من أجل أن تصدّقه بأن الورقة بيضاء... لا !
في الواقع، ليس هناك أي أمل أو إمكانية حتى ترى أنها بيضاء ما دمت تضع نظاراتك الخضراء. بطريقة أخرى، ليس بإمكانك أن ترى أن الورقة بيضاء حتى و إن أردت ذلك، مادمت تضع النظارات.
و الآن إن اكتشفت بأنك تضع نظارات، فإنك تستطيع انتزاعها. حينها بإمكانك أن ترى ما لم تكن تراه سابقا. و هو اللون الأبيض.
مقالات إحكام الخلق هي حول مساعدتك لرؤية اللون الأبيض.

سوف أبدأ إذن بتوقّع مستقبلك. أجل. لست منجّما. و لكنّي سأفعل ذلك بنسبة تحقّق مائة بالمائة.
 كيف؟
 الأمر بسيط: فأنا أعرف عنك شيئا سيجعلني أنجح في توقّعي لمستقبلك.
و هو التالي: إذا واصلتَ التفكير بما تفكّر به، فسوف تواصل القيام بما تقوم به، و سوف تواصل الحصول على ما تتحصّل عليه.
و هذا شيء لم أكن أفهمه لسنوات. واصلت خلالها الحصول على نفس النتائج التي لا أريدها. و السبب وراء ذلك هو أنني كنت أخلق حياتي بإهمال. و عندما أقول بإهمال فإن ما أقصده هو أني لا أمتلك أي فكرة عن كيف أحصل على ما أحصل عليه. في أغلب الأحيان أحس بأن الأشياء هي فقط بصدد الحدوث لي. و ليس لدي أي تحكّم للأحداث في حياتي.
ألوم الناس، الظروف، الملابسات، الله، القدر، الحكومة، والداي، علاقاتي، و كل شيء و كل شخص خارج عن ذاتي لما يحدث في حياتي.
لم يخطر ببالي مطلقا أني أنا الذي أخلق هذه التجارب.و السبب هو أني لم أكن قادرا على رؤية العلاقة بين أفكاري و ما يحدث في حياتي. فهما يبدوان منفصلان. و لذلك فإنه يظهر لي أن ما يحدث إنما يقع بشكل عشوائي أو جزافي بدل أن أكون أنا المتسبّب في حدوثه.

في هذا المقال سوف أفسّر بطريقة يمكنك أن تفهمها تحديدا كيف تخرج الأفكار و تصبح أشياء و تجارب في الحياة.
و بدون أن نعود إلى نقطة البدء و فهم كيف خُلقت الأشياء، أو كيف تحصّلنا على ما نحن فيه، فإنه لن يكون لدينا أي طريقة لتغيير حالتنا.
بتعبير آخر نحن نبحث هنا عن العلّة من وراء العلّة.

ما ستتعلّمه هو أن كل ما يحصل لنا قد خلقناه نحن، سواء بشكل لا واع-عن إهمال، أو بشكل واع –بإحكام و تصميم و تخطيط.
المفتاح لتغيير حياتنا نحو الأفضل هو أن نخلق حياتنا عن تصميم بدل الإهمال.

هناك الكثير مما كُتب و نوقش فيما يخصّ تحكّم أفكارنا في حياتنا.
فكريّا أظن أن أغلب الناس يتفقون مع هذه الفكرة. و لكن إذا نظرت إلى حياة أغلب الناس فإنه من السهل أن ترى أنهم لم يستوعبوا الأمر بعد.

أيّ شيء تُـثـبـّت عليه ذهنك بكل طاقة و تركيز سيُخلق في واقعك. في بعض الأحيان تتطلّب المسألة وقتا حتى نحقق نتائج أفكارنا، لأننا نواصل بدون انقطاع تغيير ما يجول بأذهاننا. و لكن مهما يكن ما نوجّه انتباهنا المسيطر نحوه، فإنه سينتهي بأن يكون واقعنا.
بالتأكيد فإنه قد يمكنك تحقيق طن ذهب على طاولة المطبخ في ظرف ثلاثين ثانية، بمجرّد التفكير في ذلك، و لكن في المقابل فإنه  كلّما راودك شعور بالخوف أو القلق حول أيّما شيء فإنك ستجد غولا خارجا من الثلاجة محاولا التهام غدائك. و لذلك نأتي إلى هذا العالم ثلاثي الأبعاد بشيء من الحماية التي تمكّننا من التفكير و الشعور بدون أن نحقق مشاعرنا و أفكارنا أمام أعيننا في الآن و اللحظة، مثلما هو الشأن في البعد اللافيزيائي.
إذن فإن عدم القدرة على تجسيد أي شيء بمجرّد التفكير فيه قد يبدو عائقا لوهلة. و لكنّه أيضا جزء من الحماية الأكبر التي تمكّنك من تعلّم فنّ الإجلاء بدون أن تؤذي نفسك.

إذن بدون فكرة لا شيء يحدث. نقطة إلى السطر.
الفكرة تسبق كل شيء.
و هذا يمكن أين يكون بسيطا و هو أساسي لإحداث تغيير.
كل شيء يبدأ بشكل بذرة الفكرة الأصلية. إذا كنت قد زرعت في حديقة سابقا، فإنك تدرك بأن بذرة صغيرة يمكن أن تكبر و تصبح نبتة تدرّ الأزهار و الأثمار. و السبب وراء إمكان حدوث هذا الشيء هو أن مما تحتويه هذه البذرة هو الرغبة القوية في الخلق و التمدّد و النموّ.
أشكال أفكارنا تعمل بنفس الطريقة. شكل الفكرة هو الهيأة الذهنية التي تسبق أي واقع مادي. في أفكارنا يكمن احتمال الخلق و التمدّد و النمو و الحصول على ما نريده أو يكمن احتمال أن نحطّم حياتنا.
ما نمرّ به اليوم ليس سوى أشكال أفكار الأمس.
إذن إذا كنّا نريد واقعا جديدا، فيجب أن نفكّر أفكارا جديدة.
و للقيام بأي تغيير في حياتك، يجب أن تغيّر الأفكار التي أتت بك إلى ما أنت عليه الآن.
لو تحاول أن تغيّر أي شيء في حياتك بدون تغيير الأفكار أوّلا، فإن دماغك سوف يفحص ما يعرفه حتى ذلك الحين-أي ماضيك أو أفكار الأمس، ومثل الحاسوب-سيرسل لك رسالة تنبيه لخطأ مفادها أنه لا مرجع سابق له بهذا، فأنت لم تقم بهذا من قبل، لذلك فأنت لا تستطيع القيام به الآن. و هذا ما يسمّى بالمسلّمات. الدماغ سيقوم بكل ما يقدر عليه لمساندة افتراض مسبق للحقيقة. فالمسلّمات هي الأوامر الخفيّة التي سيطيعها الدماغ بكلّ الموجبات. و هي السبب الأساسي وراء صعوبة التغيير.
و نحن إذا واصلنا القيام بنفس الشيء مع نفس التفكير فإننا سنواصل الحصول على نفس النتائج.

إذن كيف يشتغل كل هذا؟ ما هي الآليات أو الدلائل العلمية حول كيف تصبح الأفكار واقعا؟

علم إبداع الواقع من خلال الأفكار يمكن الإطلالة عليه من خلال نظرة أساسية على علم الفيزياء الكميّة. مفتاح خلق المستقبل.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire