04/12/2011

الفيزياء الكميّة- المفتاح لخلق المستقبل -1


ما علاقة الفيزياء الكمّية بخلق مستقبلك؟
أستطيع أن أخبرك بأن فيها كل ما يربطها بذلك.
فلنلقي نظرة على التفسير البسيط للفيزياء الكميّة و لنجد كيف نستعمله لخلق حياتنا بإحكام بدل الإهمال.

الفيزياء الكمّية هي علم يفسّر كيف يأتي كل شيء في عالمك إلى الوجود.
أنت خالق كل عالمك المادّي. و لكن إلى حد الآن قد لا تكون واعيا بهذا الأمر. نقص إدراكك لكيفيّة إيجاد الأشياء الماديّة في حياتك، و في جزء في خلقها، يجعل من ملابسات حياتك تبدو كما لو أنها خارج مجال تحكّمك. و يجعلك تبدو أيضا كما لو أنك الضحيّة لهذه الملابسات، بينما في الأثناء أنت هو المتسبّب فيها.
و هذا يحمل في طيّاته أشياء جيّدة و أشياء سيّئة.
دراسة سريعة للفيزياء الكميّة ستساعدك ليس فقط لفهم كيف يُخلق كل شيء في واقعك، و لكن أيضا و على نحو دقيق كيف أن اعتقاداتك و أفكارك هي التي تخلق النتائج التي تمرّ بها و تجرّبها في حياتك.
التعليم الروحي يخبرنا بأنه حتى قبل أن تطلب الشيء-أي شيء، فإنه موجود مسبقا فيك.
و الفيزياء الكميّة أثبتت الآن أن هذا صحيح علميا.
و كما سوف ترى، فأن تطلب حتى تتلقّى هو طريقة عمل الكون.

فكّر بالأمر: عندما يخبرك أحد بأن كل شيء ممكن إذا أنت فقط اعتقدت في ذلك، أفلا تتعجّب بأن هذا يبدو عظيما، و لكنّك تبقى متسائلا: ما هو الدليل على أن هذا صحيح فعلا؟
ألن تكون أكثر استعدادا للقبول بأن هذا صحيح إذا بيّن لك أحد بتمشّ تدريجي و علمي كيف أن اعتقاداتك توجّه الكون و تنتج ما أنت معتقد فيه؟

من بين أهم فوائد فهم أساسيات الفيزياء الكميّة أنك تستطيع أخيرا أن تجد بوضوح كيف أن أفكارك و اعتقاداتك تتحكّم بحصيلة حياتك. و فهم هذه المعرفة يمكّنك من التخلّص من كل شك و من أن يكون لك ثقة كاملة بقدرتك على خلق كل ما تريد.
الفيزياء الكميّة تبرهن أيضا كيف أن كلّنا مترابطون و كيف أن كلّنا و احد. إنها تزيل الوهم بأننا كائنات منفصلة. و هي أيضا تعطيك لمحة كيف أن روحنا و ذهننا و مادّتنا تتفاعل و تتواصل، و كيف يحدث الخلق حقّا. و هي تبيّن لنا بدقّة كيف أننا خالقون مشاركون مع الله –أو مصدر الطاقة.
ما إن تفهم مليّا ما نحن بصدد النقاش حوله ستذهل من كمّ القوة التي لديك و كم هو سهل أن تخلق أي نتيجة تريدها.

لندخل صلب الموضوع إذن.
الفيزياء الكميّة هي دراسة البناءات المقولـَـبة للكون.
جسدك متكوّن من خلايا.هذه الخلايا متكوّنة من جزيئات، المتكوّنة من ذرّات، المتكوّنة بدورها من جسيْمات دون الذرية (أصغر من الذرة)- مثل الالكترونات.
دراسة الفيزياء الكميّة برهنت أن كل شيء متكوّن من الجسيْمات دون الذريّة. جسدك، سيّارتك، النباتات، الأشجار، الأفكار، الضوء- كل شيء آخر، بما في ذلك الكون برمّته هو تركيز لمجموعات واسعة من الطاقة أو الجسيمات دون الذريّة. الفرق الوحيد هو في طريقة تجمّع هذه الجسيْمات في بناءات مقولبة.
معرفة كيفية عملها هو المفتاح لخلق حياتك عن تصميم.
الجسيْمات دون الذريّة ليست أشياء ماديّة. ليست جسيْمات كما هو الشأن بالنسبة لحبّات الرّمل. إنها في الواقع احتمالات وجود. و في نفس الوقت، هي حالات وجود متعددة. سوف تفهم معنى كل هذا قريبا، فثبّته و لا تترك التسميات تربكك.
أما الآن فلنكمل رحلتنا في دراسة كيفية تطبيق هذا في حياتنا.

الجسيْمات دون الذريّة هي حزمات طاقة تسمّى أحيانا "كوانتا" أو "كمّ". كل شيء في هذا الكون متكوّن من طاقة. و حزمات الطاقة هذه تتصرّف بأكثر الطرق إذهالا. إنها تخرج عن سيطرتنا. و السبب في ظهورها لنا في صورة شيء صلب و في تشكّلها سيّارة أو طاولة مثلا يعود إلى تفكيرنا الفردي أو الجماعي.
و منذ أن كان بإمكاننا اختزال وجود أي شيء انطلاقا من جسيمات دون ذرية، فإننا نحتاج إلى معرفة مما تتكوّن هذه الجسيمات- بما أنها البناءات المقولـِبة لأي  شيء خُلق و لأي شيء سيُخلق على الإطلاق.
إذن ممّا تتكوّن هذه الجسيمات دون الذريّة؟
إن تقل طاقة، فإن ذلك ليس صحيحا بالكامل. فهي ليست مصنوعة من طاقة. إنها هي الطاقة.
إن اختزلت جسدك إلى جوهره النقيّ، فإنك ستكتشف بأنّك قطعة كبيرة من الطاقة. و بالمثل بالنسبة لأي شيء آخر.
الروح و الذهن يكيّفان هذه الطاقة إلى الشكل الفيزيائي الذي تسمّيه جسدك.

كل شيء إذن متكوّن من جسيمات دون ذريّة، التي تكوّن الذرّة، التي تتجمّع إلى مادّة. هذه الطاقة توجد كموجات منتشرة في الزمان و المكان. و لكن، و هذا مهم، فقط عندما تمارس قوّة الملاحظة، تصبح هذه الموجات جسيْمات متمركزة في زمان و مكان بعينه. و بمجرّد أن تسحب ملاحظتك ، فإنها تعود موجة من جديد.
ماذا يعني هذا؟
ببساطة: ضع ملاحظتك و انتباهك و نيّتك لخلق شيء، خذ هذه الطاقة من الحالة اللاشكلية و اخلقه كحدث زماني-مكاني.
هذه حقيقة علميّة.
لا شيء صلب و جامد بالصلب و الجامد.
إنه متكوّن من ملايين حزمات الطاقة السريعة الوميض. إنها تومض داخل و خارج المكان مع تموقع الشيء. إنها ليست باقية جاثمة حيثما هي.
إذن فلماذا يبدو جسدك أو منزلك كشيء جامد متماسك بينما نعرف أنه مجرّد ومضة سريعة لإحساس بالطاقة؟
أفضل طريقة لوصف هذا الأمر هي بالتفكير في فيلم.
عندما تشاهد فيلما، ترى شخصا يشق الشاشة. لكنّك لو تقدر أن تبطئ الفيلم، فإن ما يحدث حقّا هو أنّه في الواقع مجرّد فيلم ذو أربعة و عشرين صورة في الثانية، صور على اختلاف طفيف بينها، تتوالى بسرعة معيّنة بحيث أن أعيننا لا تستطيع أن تضبط التفاوت بين الصور المستقلة. كل واحدة من هذه الصور السينمائية هي تركيب من ملايين الفوتونات الضوئية التي تومض بسرعة الضوء.
هذا ما يخلق واقعك.
إذن ما تشاهده حولك ليس أكثر من وميض سريع و هو الذي يسبّب وهما- مثل شأن الصور في الفيلم-بأن هناك شيئا صلبا و متماسكا.

الحياة هي على قياس الفيلم.
في فيلم، الصور السينمائية تمرّ بسرعة بحيث لا تستطيع أن تراها. سرعة هذه الصور تجعلها تبدو كما لو أن أولئك الأشخاص على الشاشة هم واقعيّون و متماسكون. و لكن كلانا يعرف أنهم ليسوا كذلك.
كثيرا ما نصبح متورّطين في الأحداث عندما نشاهد فيلما إلى درجة أن هذه الأحداث تبدو لنا واقعا. كما لو أننا نشاهد أحداثا حقيقية تأخذ مجراها. و إلا فلماذا يرتجف الناس في المشاهد المخيفة، أو يبكون في المشاهد المحزنة، أو يضحكون في المشاهد المسليّة؟
لأن ما يظهر في الشاشة يبدو حقيقيا لهم.و لكن ما نراه في الفيلم أو في الحياة الواقعية ليس أكثر من طاقة تعيد ترتيب ذاتها لتبدو صلبة. فقط عندما نلاحظها و نركّز عليها تبدو أشياء صلبة و متماسكة.
أيّما عالِـم فيزيائي يعرف أن الجسيْمات دون الذريّة-هذه الحزمات الطاقية أو "الكم"، ليست جسيمات في نقطة بعينها من المكان و الزمان. مثل الطاولة أو الكرسي. و لكنّها احتمالات يمكن أن توجد في نقاط متعدّدة من المكان و الزمان. فعل ملاحظتنا لها يحوّلها إلى جسيمات فيزيائية في نقطة بعينها من المكان و الزمان. و لكن ما إن نسحب انتباهنا فإنها ترجع احتمالا من جديد.
بتعبير آخر، فإنه لا وجود لها ما لم نكن نلاحظها.
تخيّل أن الكرسي الذي تجلس عليه الآن هو مجموعة كبيرة من الجسيْمات دون الذريّة.
هذا ما يحصل في الحقيقة للكرسي: عندما لا تكون في غرفتك و لا تفكّر به، فإنه يتلاشى. يصبح احتمالا ممكنا لإعادة الظهور بالضبط أينما تكون و في أيّما مكان في الكون. عندما تعود للمنزل، و تفكّر بالجلوس على الكرسي، في موضع معيّن، أو تبحث عن كرسي في الموضع الذي تتمنّى الجلوس فيه، فإنه يعود للظهور بطريقة سحرية.
أنا لا أضخّم المسألة.
أعرف أنه من الصعب تصديق هذا لأن الكرسي يبدو حقيقيا. و هو حقيقي. طالما أنك أنت، أو أي شخص آخر يفكّر فيه أو يلاحظه.
الفيزياء الكميّة أثبتت أن هذا صحيح.
الكرسي موجود هناك نتيجة ملاحظته موجودا و التقرير بأنه موجود هناك. بكلمات أخرى، لا شيء جامد يمكن أن يوجد، أي لا وجود له، باستقلالية عن الملاحظ. إذن فإن فعل الملاحظة يجعل احتمال الوجود يصبح شيئا واقعيا محدّدا. انتباهنا المسترسل يبقي عليه في هذا المنحى، منتجا الوهم بوجودٍ صلب جامد متماسك.

أعرف أن رأسك ربّما سينفجر الآن و لكن فقط توقّف هنا. لأن الأمر يزداد تشويقا الآن: فقد تم اكتشاف أن هذه الجسيْمات تتخذ أيضا قرارات. إنها في الواقع قد مُنحت الذكاء. فما هو هذا الذكاء الذي يعطيها القوّة؟

هذا الذكاء هو الذهن الكوني الخالق.
الذهن الكوني الخالق يتكوّن من ذهنك الفردي الخاص بك و أيضا من الذهن الفردي لباقي الكون.
الحزمات الكمية تُعرّف باحتمالات وجود. العالم الفيزيائي مصنوع من أفكار و طاقة.
فكّر في التالي بعناية: فكّر في أن كل ما تستطيع أو ستستطيع رؤيته هو مصنوع من هذه الجسيْمات المذهلة، و التي هي تحت تحكّمك. فكّر في الحقيقة العلميّة التي تبرهن أنك السبب أو السبب المشارك في كل ما من حولك. أن لا شيء تلاحظه، يمكن أن يوجد، بدون ملاحظتك.
انتبه إلى هذا الأمر الآن: كل ما تحتاج إلى فعله هو أن تختار مهما كان ما تتوق إليه، ثمّ تركّز عليه بكلّ يقين و ثبات، و هذا ما سيتسبّب في تجسّد حزمات الطاقة إلى أيّما كان ما تتوق إليه.
بكلمات أخرى، ما تركّز عليه و تعطيه انتباهك، يصبح واقعك.
إذا كان هذا حقيقيا، و أستطيع أن أؤكّد لك بأنه كذلك، أرجو أن تأخذ بعين الاعتبار ما ستقرؤه الآن: لو أنّك تغيّر طريقة نظرتك للأشياء، فإن الأشياء التي تنظر إليها تتغيّر.
سأعيد هذه الجملة لأنها مهمّة: لو أنّك تغيّر طريقة نظرتك للأشياء، فإن الأشياء التي تنظر إليها، تتغيّر.
 يتبع..

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire